إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229372 مشاهدة
موانع الإرث

وموانعه ثلاثة: القتل، والرِّق، واختلاف الدِّين.


موانع الإرث
قوله: (وموانعه ثلاثة: القتل، والرِّق، واختلاف الدِّين):
يعني: هذه الأسباب التي تمنع الإرث وهي:
أولا: القتل: وهو ما أوجب دية أو قصاصًا أو كفارة، فإن القاتل يحرم من الإرث، هكذا ورد في الحديث، وفي قصة قتادة المدلجي أنه قتل ولدًا له، فلما قتله أمره عمر-رضي الله عنه- بدفع الدية حيث إنه يسقط القصاص عن الأب فلا يقتل والد بولده، ولكن عليه دفع الدية، وهذه الدية ليس له منها شيء، فهي تدفع لأمه ولاخوته، فلم يعط عمر-رضي الله عنه- القاتل شيئًا من الدية ولو كان أبا قتل ولده، لأن القاتل يحرم من الإرث هذا إن كان القتل عمدًا.
وإن كان القتل خطأ، وهو الذي فيه الكفارة لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ النساء: 92 فلا يرث أيضا سدًّا للباب، مخافة أن يتسرع أحد الأقارب ويقتل قريبه من أجل أن يرثه، ولذا قيل:
من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه.
ثانيا: الرّق: وهو عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، هذا تعريف الرّق، والرقيق هو المملوك، والمملوك لا يَمْلك لأن ما في يده لسيده، فلو أعطيناه ميراثًا من أبيه إذا كان أبوه حرًّا لأخذه سيده، وسيده أجنبي، فالرقيق لا يرث ولا يورث؛ حتى لو كان له أولاد أحرار فإنهم لا يرثونه.
لكن إذا كان معتقًا بعضه ويسمى المبعض، فالمبعض يرث ويورث، ويحجب بقدر ما فيه من الحرية.
ثالثا: اختلاف الدِّين: إذا كافي أحدهما كافرًا فإنهما لا يتوارثان، لحديث أسامة:
لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم واستثنوا الولاء، فيرث بالولاء؛ فإذا كان له عبد كافر قد أعتقه فإنه يرثه، أو كان مثلا الكافر له عبد مسلم عتيق فإنه يرثه بالولاء على خلاف في ذلك.